منذ ساعات

الملف الصحفي

قراءة قانونية لشرعنة فصل العامل المواطن تعسفياً

جريدة الرياض - الخميس 22 جمادى الآخرة 1437 هـ - 31مارس 2016م - العدد 17447 

المقال
قراءة قانونية لشرعنة فصل العامل المواطن تعسفياً

لا نشكك في مدى حرص المسؤولين في وزارة العمل على بذل كل ما من شأنه الارتقاء ببيئة العمل وتنظيمها وفق ما يحفظ حقوق العامل ويحقق مصالح رب العمل؛ فجهود وزارة العمل المبذولة والتي قد نتفق معها على بعضها ونتحفظ على البعض الآخر، إنما نناقشها وننتقدها بدافع الغيرة الوطنية كما نحسبهم – أي المسؤولين في الوزارة - كذلك حريصين على الطرح الموضوعي المكمل لجهودهم؛ فما تقوم به الوزارة من برامج ومبادرات نابع من دورها ومسؤوليتها الوطنية الرامية إلى إعادة هيكلة سوق العمل.
لذا لا أجد لنفسي عذرا من عدم العودة لنقاش ما قامت به وزارة العمل في مرحلة سابقة من تعديل للمادة رقم (77) من نظام العمل، وما اقتضى ذلك من تقنين لمقدار التعويض المستحق للعامل عند فصله من عمله لسبب غير مشروع، وهو ما أثار حفيظة كثير من أبناء وبنات الوطن العاملين في القطاع الخاص لقضائه على آخر بصيص آمل للأمان الوظيفي في القطاع الخاص نتيجة تزامن ذلك التعديل مع إلغاء المادة رقم (78) في النظام السابق، والتي كانت – قبل الإلغاء - تجيز للعامل المفصول من عمله بسبب غير مبرر نظاما الطلب من هيئات تسوية الخلافات العمالية النظر في إعادته للعمل، والتي وإن كان لها السلطة التقديرية في ذلك إلا انه سبق لها إصدار قرارات عدة بإعادة العامل المفصول لعمله متى ثبت فعليا أن سبب الفصل تعسفيا؛ لكن وبعد هذا الإلغاء غير المقنع للمادة رقم (78) في نظام العمل السابق، أصبح بإمكان أي رب عمل فصل العامل بالاتكاء على الثغرة القانونية التي أوجدها التعديل للمادة رقم (77) والمسماه بالتعويض القانوني (المحدد سلفا بالقانون) لاسيما انه يعد تعويضا غير مجزٍ للعامل وتافها بالنسبة لصاحب العمل، وبالتالي ربما يستغل لتمرير السبب غير المشروع للفصل جراء هذا التعديل في نظام العمل الجديد تحت "غطاء" التعويض حتى لو كان الدافع على الفصل على سبيل المثال انتقاص حقوق العامل سواء المادية (كمكافأة نهاية الخدمة) أو المعنوية (كالترقية)، أو المساومة عليهما، بل وحتى لو كان سبب الفصل الإساءة الشخصية أو تصفية الحسابات وغني عن القول عما تحفل به بيئة العمل الخاص من تفشي في المحاباة والمحسوبية؛ هذا التعديل للمادة (77) والمتزامن مع إلغاء المادة (78) حقق ما كان يحلم به أرباب العمل مع أنه كان بالإمكان أعمال الموزانة بين الحقوق والمصالح في العلاقة العمالية واستبعاد فكرة الاستغلال بالاستفادة من تقنين التعويض قانونيا في المادة (77) جراء إلغاء المادة (78)، وذلك بالإبقاء على المادة رقم (77) كما هي في نظام العمل القديم دون تعديل، والتي تقدر التعويض على أساس قضائي طالما أنه يخضع لرقابة درجة قضاء عمالي أعلى، حيث كانت المادة (77) قبل تعديلها تأخذ في الاعتبار ما يلحق بالعامل من ضرر مادي وأدبي، سواء كان حالا أو احتماليا، بجانب ظروف إنهاء العلاقة التعاقدية وأسبابها.
باستقراء مواد نظام العمل إجمالا واستنباط غاياته نجد أنها ترمي إلى تذليل العقبات أمام العاملين السعوديين والعمل على استقطابهم وتوظيفهم في القطاع الخاص وتوفير أسباب المحافظة عليهم ووسائل الفرصة المناسبة لاستمرارهم في العمل، لكن هذه التعديلات تصطدم كليا مع هذه المقتضيات، بل ويتعارض مع ما تزعم الوزارة أنها تقوم به من برامج لمعالجة خلل سوق العمل من أجل التوطين وخلق فرص وظيفية للمواطنين صرف عليها المال الكثير، لكنها في المقابل – أي الوزراة - "شرعنت" الفصل التعسفي مع الباب الآخر.
من يعمل يخطئ ولكن من غير المقبول المكابرة والاستمرار في تبرير الخطأ سواء من جانب الوزارة في محاولتها لتمرير ما لحق بنظام العمل من تعديلات غير منصفة وبتحميلها على مرور هذه التعديلات عبر جميع القنوات النظامية الرسمية في ظل دورها الروتيني، مقابل دور الوزارة المحوري كجهة معنية بالأمر في المقام الأول؛ أو فيما بعد تصريح الوزير رسميا بأنه: "أن الوزارة لن تسمح لأي منشأة باستغلال المادة (77) من نظام العمل لفصل الموظف السعودي"، فكلا التصريحين يعكسان حالة الاستعجال التي مرت بها تعديلات النظام وما تستلزمه من مراحل عمل مؤسساتي لاستكشاف المساوئ والمحاسن قبل الإقدام عليه؛ ولهذا نتمنى على مسؤولي وزارة العمل المراجعة الشاملة لما ورد في المادة رقم (77) من تعديل وللمادة (78) من إلغاء لأنه لا يحقق العدالة ولا يتسق مع ما يقع على عاتقها من مقتضيات وطنية ونظامية وفق أحكام نظام العمل، بل ولا يعكس التوجيهات السامية الكريمة التي تضع المواطن على قائمة اهتمامتها.

undefined

النظام وفقاً لآخر تعديل - نظام العمل الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/51 بتاريخ 23/8/1426هـ
قرار مجلس الوزراء رقم (264) بالموافقة على اللائحة التنفيذية لضبط أعمال تفتيش العمل وتنظيمها
قرار وزير العمل رقم 693 تاريخ 29/2/1428 بإصدار اللائحة التنفيذية لنظام العمل الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/51 تاريخ 23/8/1423 هـ
«العمل» : لم يثبت وجود فصل تعسفي للسعوديين بسبب المادة 77
وزير العمل: لن نسمح للشركات تحت مظلة المادة 77 بفصل السعوديين دون وجه حق
«العمل» تحذِّر من فصل السعوديين «تعسفياً» بـ «ثغرة 77» .. وتلوح بـ «عقوبات»