منذ ساعات

الملف الصحفي

مكافحة الاحتيال ... التجاوزات والحلول

جريدة الاقتصادية الثلاثاء 1426-04-23 هـ الموافق 2005-05-31م العدد 4250

مكافحة الاحتيال ... التجاوزات والحلول

تعقد ندوة علمية متخصصة حول مكافحة الجرائم الاحتيالية في جامعة نايف للعلوم الأمنية، ولأن هذه الندوة تكتسب أهميتها من مكان انعقادها الذي يعتبر صرحا في مكافحة الجريمة بشكل عام، فإن الندوة تكتسب أهميته كذلك من توقيت انعقادها الذي يأتي بعد أن تزايدت فيه الجرائم الاحتيالية وتطورت وأخذت أبعادا وستارا قانونيا في بعض الحالات تحت أسماء استثمارية لشركات أو مؤسسات وفي أنشطة تجارية ومالية مختلفة.
ولعل سبب انعقاد هذه الندوة يرجع إلى ما لاحظته الجهات المختصة من تحول الاحتيال إلى ظاهرة تحيط بالنشاط التجاري والمالي حتى أفقدت التعامل في السوق تلك المصداقية المفترضة، ليس في تعامل الأفراد، بل في تعامل بعض الشركات والمؤسسات. هذه المصداقية التي يستحيل أن توجد بيئة تجارية بدونها حتى وإن سارت الأمور فيما يظهر على خلاف ذلك؛ فاليوم لم تعد لدى الكثير من الشركات والمؤسسات تلك الحساسية المفرطة على سمعتها التجارية، ولم يعد العميل على حق، ولم تعد انطباعات العملاء تهم التجار.
إن الحقيقة التي لا يمكن إغفالها أننا في أمس الحاجة إلى تنقية السوق المحلية من تلك الظواهر الغريبة التي يصعب العثور على مثيلها في أسواق مجاورة؛ فالمساهمات بشكل عام ومنها المساهمات العقارية خلفت عددا كبيرا من الضحايا، وأفلست العديد من الأفراد، وجعلت من بعض المستثمرين أثرياء في أوقات قياسية دون أن نجد خدمة تم تقديمها، أو بضاعة تم بيعها، أو عقارا تم تطويره وبيعه.
وإذا كانت الحلول التقليدية تنادي دائما بضرورة إصدار قانون فإن التساؤل عن تلك التجاوزات الاحتيالية في ممارسات تحكمها قوانين مثل الأوراق التجارية، فإن الشيكات المرتجعة من البنوك يحكمها قانون يفرض عقوبات للحق العام، وتعويضا للحق الخاص. وكذلك ضوابط جميع المساهمات العقارية يتم تجاوزها عمدا وبصورة احتيالية لا تخلو من النصب والاحتيال المسبق، والنية المبيتة حيث يفاجأ الجميع بأن المساهمة متعثرة ومعها تتبخر الأموال وكأن التعثر وسيلة تبرر غاية تتمثل في الاستيلاء على أموال المساهمين. وهكذا فإن المشكلة ليست في عدم وجود القانون بل فاعلية تطبيقه عند حدوث المشكلة، وعدم وجود إجراءات وقائية أو مانعة تمنع وقوع الاحتيال.
إن الجانب السلبي للنشاط التجاري المتمثل في الممارسات غير النظامية لا يمكن استبعاده في التعاملات التجارية، إذ يظل الإنسان منساقا خلف أطماعه المالية، غير آبه بالقانون وما يفرضه من عقاب. ولكن التساؤل الذي يفرض نفسه: هل الإجراءات التصحيحية كانت في يوم من الأيام كفيلة بردع الآخرين عن ممارسة الاحتيال؟ الحقيقة أن تلك الإجراءات لم تكن مطلقا رادعة للشخص المحتال الذي يجد أمامه أكثر من ممر ومخرج في ثغرات قانونية تشريعات مكافحة الاحتيال أو ضعف في إجراءات تطبيق تلك التشريعات، أو تلك الأولويات التي جعلت من الجرائم المالية جرائم ثانوية ليست لها الأولوية في المعالجة الفعالة لدى الجهات الأمنية.
ومن جانب آخر، فإن ما تبديه السلطات الرسمية من وجود نقص شديد في وعي المواطنين بل تهور في استثمار أموالهم وتشغيلها رغم كل التحذيرات التي تعلنها الجهات الرسمية ذات العلاقة وفي مقدمتها مؤسسة النقد العربي السعودي، ووزارة التجارة والصناعة وغيرهما، يعطي الانطباع بأن للمواطن دورا أساسيا في تزايد هذه الظاهرة باعتباره وإن كان الضحية دائما إلا أنه الوقود الذي يلهب ظاهرة الاحتيال ويزيدها اتساعا في نطاقها وآثاره.
لقد أثار بعض الخبراء فكرة مسؤولية الجهات الرسمية التي تكتفي بالتحذير من وجود شركات أو مؤسسات غير مرخص لها تمارس النشاط التجاري ظاهرا والاحتيال باطنا، وهذه المسؤولية وإن كانت مفترضة من الناحية النظرية إلا أنه يصعب تطبيقها عمليا لاعتبارات كثيرة، لعل أهمها أن تلك التعاملات التجارية محل الاحتيال يستحيل من الناحية الإدارية متابعة كل مواقعها وأماكنها، خصوصا إذا ما عرفنا أن بعضها يتم في الخفاء دون دعاية إعلامية. ومن ناحية أخرى، فإن التحرك اللاحق للاحتيال يأتي نتيجة شكاوي المواطنين وهي غير موجودة عند ممارسة النشاط وقبل تفاقم المشكلة؛ لذا فإن وعي المواطن هو صمام الأمان في مواجهة الاحتيال فللننتظر ما تسفر عنه الحلقة العلمية لمكافحة الجرائم الاحتيالية.

نظام الأوراق التجارية
مكافحة الجرائم الاحتيالية في حلقة علمية بجامعة نايف
دورة تدريبية لمكافحة الاحتيال في التأمين